ليلة صلاة الملاك الساقط
(مونودراما)
-1 -
شخصيات المسرحية :
الملاك
الساقط
..
-2 -
الملاك الساقط : ها أنا ذا .. وحيد منفيا مطرود من مملكة السماء ومغضوب
عليّ
من رب العالمين الملك القدوس خالق السموات والأرض.. وكل
ذلك من أجل ذلك المخلوق البشري
الطيني
التكوين
.. والذي
أصبح مصدرا لتعاستي
الحقيقية في
هذا الكون
.. وهكذا قضي
عليّ
أن أصبح مخلوقا ملعونا دنسا إلي
الأبد وإلي نهاية
العالم ويالها من نهاية قاسية..نهاية سرمدية سرابية الغاية مأسوية الشكل هلامية
المضمون
.. تلك النهاية التي
لا
يعرف أحد في
العالمين موعدها سوي
رب العالمين
.. تلك هي
اللعنة الأبدية التي
حكم بها الرب الخالق علي
ملاك من ملائكتة المقربين ملاك سماوي ناري النشأة والتكوين .. ملاك قد أفني نفسه وعمره فيخدمة الرب الخالق المعبود ..رب السموات والأرض .. ومع ذلك لم يشفع له كل ذلك الذي فعله ..بل ألقي به من حالق ..من أقصي أعماق السماء مشيعا بكلمات
السخط والغضب من ملائكة الرب الذين تخلوا عنه خوفا ورهبة من الرب المعبود ومن هول المفاجأة
التي
أذهلتهم
..وهكذا حلت بي
اللعنة والغضب الإلهي الذي لا مرد له .. وكل ذلك الذي حدث بسبب هذا المخلوق الطيني .. كل ذلك حدث .. لمجرد أني فكرت وتأملت هذا
-3 -
الأمر الإلهي والذي لم أستطع أن أفهمه أوأتخيله أو أجسر حتي علي تنفيذه لقد حاولت مرارا أن
أتظاهر بالسجود
..وأن أرغم نفسي
علي
فعل ذلك الأمر ولكن عقلي
لم
يسعفني
وجسدي
لم
يطاوعني
علي السجود لهذا المخلوق العجيب والغريب عنا ..مخلوق طيني الهيكل .. مخلوق يغلفه الشر حتي النخاع ..مخلوق خبيث له نظرات فضولية .. به طموح لا يقف عند حد .. بل أقسم أنني رأيت ابتسامته الصفراء تترتسم
علي
شفتيه عندم تم طردي ولعني .. أحسست أنه قد انتشي من شدة الفرح حتي أسكره الغرور ساعة صب اللعنة
عليّ
.. كانت نظراته نظرات شماته وتشفي
.. أحسست أنه
يريد أن
يقول لي
وبصلف رغم الصمت والهمس المطبق كيف ترفض السجود لي .. ألم يأمرك الخالق بأن تسجد لي .. ألا تعرف من أنا ! غدا سأكون سيدا لهذا الكون .. وسوف أتملكه قريبا .. ولن أنسي لك هذا أيها المخلوق المتكبر .. أيها الملاك الساقط .. بل جراء هذا العصيان والتمرد والجحود .. سأضع عداوة بيني وبينك .. بين نسلي ونسلك وإلي أبد الآبدين يا أيها
الشيطان المارق
.. ياإبليس اللعين
.. وستلعن طوال العصور البشرية القادمة..
ذلك هو المخلوق الطيني
الذي
من أجله قد لصق بي
هذا العذاب الأبدي
والذي
لا أعرف مداه
.. من أجله قد
غمرني
الهم واليأس والحزن العميق الذي
يفوق كل أحزان العالم و الذي
لم أكن أتصوره أو أتخيلة يوما في حياتي .. لقد قلب هذا المخلوق الخبيث حياتي رأسا علي عقب .. ثم بعد
-4 -
ذلك أصبحت أنا.. ذلك الملاك الساقط
الملاك المرجوم والعدوالمتمرد الذي أغضب الرب فطرد من مملكته .. فمن منذ اليوم يجسر علي معارضة أوامر السماء !.. فمن بعد اليوم يجرأ علي إغضاب الخالق ! و بهذا أصبحت أنا الرمز والعبرة والمثل الأعلي للتمرد والذي hستحق الطرد وتوقيع العقوبة عليه وإنزال
العقاب الصارم والذي
لا
يرد أو
يغفر مع أنك تعلم جيدا ياأيها الرب الخالق أنك الرحمة الكاملة والمغفرة
الحسنة
..ومع ذلك لم تشفع لي
ولم تمح خطيئتي
.. تلك هي
مشيئتك القدسية
.. ولكن أعتقد أن من حقي
أن أعرف
.. لماذا
غفرت لآدم وحواء .. غفرت لقابيل سافك دم أخيه هابيل .. ومع ذلك لم تغفر لي .. تلك مشيئتك وأنا لا أعترض
عليها بل لا أجسر حتي
علي
الاعتراض
.. كل ما في
الأمر هو أنني
أريد أن أعرف فقط ما هي
حكمتك وما هو النظام الذي
يسير عليه العالم
غير المفهوم وغير المبرر بالنسبية لي
علي
الأقل
.. لقد خلقت هذا العالم وفق مشيئتك
.. وفصلت بين البحار و الآرض
.. وخلقت الشمس والقمر والنجوم
.. وأوجدت عالم الملائكة التي
تسبح بحمدك وتقدس لك
.. وكان عقلي
أضعف من أن
يدرك حكمتك أو
يدرك الغرض أو الهدف الحقيقي
الكامن وراء خلق هذا العالم وخاصة عالم ذلك الإنسان .. الإنسان الجحود .. والذي أشعر من داخلي بأنه سيكون أخطر مخلوقات هذا الكون وأشدهم حبا
للسيطرة والتملك
.. لقد أدركت أيضا أنه سيكون خطرا
.. وسامحني
أيها الرب الخالق
.. سيكون هذا الإنسان خطرا علي
مملكة السماء أيضا
..
-5 -
فصمت وأدركت أنه من الصعب إدراك حكمتك الإلهية .. فأنت تعلم ما بأنفسنا
ونحن لا نعلم ما بداخلك
.. سامحني
أيها الرب الخالق
.. وأنا أقسم لك بجلالك وقدسك بأني
كنت سعيدا بجوارك في
تلك المملكة السماوية
.. أتأمل تلك العوالم وسير الآفلاك
.. الشمس في
الصباح والقمر والنجوم في
المساء
.. كل في
فلكه حتي
فاجأتنا برغبتك في
خلق كائن جديد
.. حتي
اذا شكلته من الطين وصنعته بمهارة فائقة .. أرسلت إليه نسمة الحياة .. حتي انتصب أمامنا إنسانا كاملا .. فتأملناه جميعا بشيء من
الريبة
..ثم تذكرت كلمات ملائكتك النورانية
.. أتخلق من
يفسد فيها و
يسفك الدماء ونحن جميعا نسبح ونقدس لك ! لقد زلزلت من الداخل وانقبض صدري وأوجس قلبي خيفة وانقبضت روحي لهذا المخلوق والذي سوف يسفك الدم فنظرت إليه بريبة شديدة وباحتراس خفي .. ثم حدثت الزلزلة الكبري .. حين طلبت منا أن نسجد
له
.. كيف
يمكن أن
يحدث ذلك
! .. سامحني
أيها الرب الخالق
.. فأنا لم أتعود طوال حياتي
أن أسجد لأحد سواك
.. فقد علمتنا دائما وأبدا ألا نسجد إلا لك .. للرب إلاهك تسجد وتحبه من كل روحك وقلبك و
قوتك
.. السجود لا
يكون الا للرب الخالق الإله المعبود فكيف كان يمكن لي أن أسجد له وخاصة أني قد تعودت علي السجود لك فقط ولك وحدك أسجد وأصلي .. الحق أقول لك .. وأنا أقسم أمام جلال وجهك
النوراني
أني
اعتقدت حقا أنك تجربنا
..وأنك تريد أن تدخلنا في تجربة قاسية كما لو..
-6 -
كان الأمر
مجرد امتحان أو اختبار لنا لكي
تكشف أعماقنا ولكي
تتأكد أيضا من أننا نعي
جيدا تعاليمك القدسية
..من خلال تلك التجربة القاسية
.. تماما مثل تلك التجربة المماثلة والتي خضتها مع السيد المسيح والتي أعترف لك بها الآن ..ففي ذلك اليوم كنت حزينا يمزقني الألم .. وشعرت بالوحدة وبقسوتها ..فأبصرت السيد المسيح يسير وحيدا في الصحراء وبعد أن صام أربعين
ليلة
.. فأردت إغواءه ولكنني
ترددت لأني
كنت واثقا في
إيمانه الذي
لا
يتزعزع
.. ولكن نفسي
سولت لي
أن أخوض تلك التجربة مع ذلك المسيح
.. فظهرت له في
شكل وثوب إنساني
..وقلت له
.. إن كنت حقا السيد المسيح
.. فقل أن تصير هذه الحجارة خبزا
..فأجاب بثقة كبيرة
..مكتوب ليس بالخبز وحده
يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله .. ولكني لم أيأس بل واصلت الإغواء .. فأخذته إلي المدينة المقدسة وأوقفته
علي
جناح الهيكل
.. وقلت له إن كنت أنت الميسح الحق
..فألقي
بنفسك إلي
أسفل
..لأنه مكتوب أن الرب
يوصي
ملائكته بك فيحملونك علي
أيديهم حتي
لا تصدم قدمك بحجر
.. تأملني
قليلا ثم أجابني
.. مكتوب أيضا ألا تجرب الرب إلهك
..فقررت أن أخوض آخر تجاربي
معه فأخذته إلي
جبل عال وجعلته
يبصر جميع ممالك العالم ومجدها
..وكان قلبي
يخفق خفقانا شديدا
..ولكني
تمالكت نفسي
لأني
أعرف جيدا جسامة وخطورة ذلك الإغواء فقلت له .. أعطيك هذه الممالك إن سجدت لي .. فصدمني إذ عرفني علي الفور بل أحسست بأني قد أصبحت عاريا أمامه جسدا
وروحا
..قال لي..إذهب ياشيطان لأنه مكتوب للرب
إلهك تسجد وإياه وحده تعبد
..ثم تركني
وانصرف
..فشعرت بمرراة
-7 -
شديدة تملأ فمي و روحي .. وأبصرت الملائكة وهي تهبط من السماء لكي تخدمه .. تلك هي تجربتي الفاشلة مع السيد المسيح
والذي
أرسلته لكي
يخلص الإنسان من الخطيئة
..ولكي
يكون فداء ومخلصا للبشر
..أتعتقد حقا أيها الرب الخالق
..أن الإنسان سوف
يتخلص من آثامه عن طريق تلك التضحية!..
لقد صلب وما زالت الخطايا تتوالد تباعا
..سامحني
أيها الخالق علي
كلماتي
تلك فأنا لا أجد
غيرك لكي
أشكو له ألمي
غير المحتمل والشكوي
لا تكون إلا لك
..( صمت
) ولكن الأمر كان معي غير ذلك.. فأنا لست سوي ملاك .. ملاك سقط في
الخطيئة
..لأنه في
لحظة من لحظات حياته وهي
حقا حالة تمرد لاشعورية قد مرت به دون أن يدري كيف
انبعثت من أقصي
أعماقة
.. إنها لحظة ضعف ملائكية مثل لحظات الضعف الإنسانية شعر بتفوقه علي هذا المخلوق الطيني الجديد .. سامحني أيها الرب الخالق ..لم أستطع أن أدرك أو أفهم
هذا الأمر الإلهي
الذي
صدر
.. فكيف كنت تريدني
أن أستوعب ذلك الموقف الجديد
.. و أن أسجد لهذا المخلوق الجديد وأنا أعرف
نشأته الطينية والتي
رأيتها بنفسي
.. لقد شاهدت خلقه من بعد خلق أمامي
.. طين مصمت .. صلصال بني اللون .. كائن غريب المظهر .. روح غريبة عنا .. فكيف كان يمكن لي أن أسجد له .. وسامحني يا أيها الرب الخالق فأنا
أعرف جيدا أنك لا تحب من
يعارضك أو
يخالفك في
الرأي
.. فأنت الرب الخالق الذي
يقول للشيء كن فيكون
.. ولكن
.. كان الموضوع أقوي
مني
بكثير
.. لم أستطع أن أسجد
.. لم
يسعفني
عقلي
لهذا الفعل أحسست بأني
أحترق من الداخل
.. وأن نيران خلقي
كانت أخف من نيران أعماقي
المتوهجة
..
-8 -
أردت أن أعبر لك عن رأيي في هذا الموضوع وأشرح لك وجهة نظري ولكني لم أحصل منك إلا علي الغضب والطرد ولعنة مباركة
تطاردتي
إلي
يوم الساعة ذلك هو ذلك العذاب الأبدي
واللانهائي
الذي
حاق بي
..فمتي
تغفر لي
خطيئتي
الملعونة وأنا الآن أعترف أمامك بخطئي
في
معصيتك
.. فتلك خطيئة قاسية وأليمة
.. بل أدرك تماما أن جزاء الخطيئة الموت ولكني أقسم أمام جلال مجدك السماوي المقدس أنني كنت أفضل الموت أو الحرق .. علي أن أترك في هذا العذاب الذي لا أعرف مداه أو حتي نهايته .. أيها الرب الخالق .. لقد أصبحت ملعونا متمردا أمام تلك الجحافل
الطينية البشرية والتي
لا أطيق النظر إليها أبدا
.. والأدهي
من ذلك
..أن كل من
يرتكب خطيئة أو جريمة أو وزر يلقي بالمسؤلية علي عاتقي وينسب كل جرائمه وزناه وخطاياه إليّ حتي أصبحت الصخرة التي تتكسر عليها أخطاء تلك المخلوقات والسبب الرئيسي لكل شيء سييء يحدث في هذا العالم الأرضي الدنس والذي سفك فيه دم الإنسان بالإنسان ذاته .. أليس الأمر كذلك أيها
الرب المعبود الخالق
.. أليست كل الجرائم ترتكب باسمي
أليست الحروب أنا المسئول عنها
.. كل شيء آثم ومحرم
.. يلصقه بي
ذلك الإنسان الفاسد والذي
لا
يعنيه شيئا في
هذا الكون سوي
مصلحته الشخصية
.. ألم
يقتلو رسلك ويجحدوا بنعمك
..ألم
يكفروا بكل كتبك السماوية التي
أرسلتها إليهم لكي
تهديهم إلي
الطريق الحق
.. أليس الأمر كذلك
ياأيها الرب الخالق
.. فإذا كانت تلك هي
مشيئتك السماوية المقدسة أن أكون أنا الذي كتب عليه أن يختبر إيمان البشر باغوائهم ..فأنا أقبل إرادتك .. إذا كانت مشيئتك السماوية
قد قضت بأن أطرد من مملكتك السماوية
-9 -
لتحقيقق أهدافك الأرضية عن طريقي لكي تعلم الإنسان الصالح من الطالح ..فأنا أقبل ذلك .. بل سأواصل إغواء كل البشر
بعزيمة لا تلين وبقوة لا تعرف الكلل
..لأن ذلك هو حكمك
.. ولكن كل ما أرجوه منك أن لا تغضب عليّ وتغفر لي فعلتي وأسباب رفضي السجود .. فأنت تعرف جيدا ياأيها الرب الخالق ..لم يصدر مني شيئا طوال حياتي قد أغضبك أو أثار حفيظتك ضدي .. لم يحدث لي شيئا إلا مع نشأة هذا المخلوق
الذي
أمقته كل المقت لأنه جاء كشيء هلامي عديم النفع .. إنه يستطيع أن يرتكب من الموبيقات ومن الجرائم ما نعجز نحن
عن فعلها
.. مخلوق جاحد لا
يمكن الوثوق به
.. مخلوق جاحد
يلقي
بكل جرائمه و أوزاره وخطاياه الرهيبة عليّ وعلي جنسي كما لو كان يريد أن ينسلخ من أفعاله التي فعلها بإرادته ولكنه ينكرها ثم يسندها إليّ كما لو كنت أنا المحرض الرئيسي لكل أوزاره .. بل يتبع كل ذلك بجمل روتينية
كما لو كانت أكلاشيهات أو جمل مملة ومحفوظة عن ظهر قلب إن الشيطان هو الذي دفعني دفعا الي ارتكاب كذا وكذا .. إنه إبليس الملعون الذي قادني إلي تلك الجريمة النكراء .. لقد سلبني إرادتي حتي أصبحت خادما مطيعا في يده .. مع أنك تعلم يا أيها الرب الخالق .. أن كل تلك الأقوال ليست
من الحقيقة في
شيء
.. بل مجرد ادعاءات كاذبة جملة وتفصيلا
.. فكيف
يمكن لي
أن أحب مخلوقا له تلك الصفات الخانعة
.. إنه كاذب حتي
النخاع
.. أناني
بالفطرة
..يستطيع أن
يرتكب من الجرائم ما
يغطي
سطح تلك الأرض
..لا
يستطيع أن
يتحمل تبعة أفعاله
.. لا
يلجأ إليك أيها الرب الخالق إلا عندما تحيق به المصائب ..فإذا رفعتها عنه أدارلك
ظهره وطغي
.. أليس الأمر كذلك
-10 -
وأنت تعلمه جيدا ياأيها الرب الخالق بل وتدركه أفضل مني بكثير ..أنا لدي إحساس داخلي .. وسامحني يأيها الرب الخالق .. أنك قد ندمت علي خلق هذا الطين البشري الجحود ..ألم يكتب ذلك في التوراة .." ورأي الرب أن شر الإنسان قد كثر
في
الأرض وأن تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم ..فحزن الرب علي عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه ..فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته .." هذا هوالإنسان .. وهذا هو رد فعلك العنيف
تجاه ذلك المخلوق الجاحد الشرير بالفطرة ولكن .. نحن لا نستطيع
أن نعترض علي
إرادتك السماوية
.. لقد كنا سعداء قبل خلقه .. لقد أزعجنا هذا المخلوق
الطيني
كثيرا
.. بل إن ذلك المخلوق الماكر
يلصق كل شيء
يحيق به إلي
السماء
.. الفيضانات والمجاعات والحروب التي
تكلف البشر مالا
يطيق
.. كل ذلك
ينسبه إليك أيها الرب الخالق لكي
يخفي
أطماعه الخفية وإخفاقاته العلمية
.. إنه لا
يتورع في
إدعاء أن اللعنات تطارد البشر وأن الرب قد غضب علي الجميع ولذلك يصب عليهم الأمراض والأوبئة والمجاعات والحروب .. حتي كاد البعض يصرخ للسماء ويردد كلمات
كفر وإلحاد
.. لماذا خلقتني
إذن أيها الرب
! إن الموت عندي
لهو أفضل من تلك الحياة التي
لا تطاق
.. تلك كلمات نسمعها من البشر كل صباح ومساء .. حتي أضحت تلك العبارات المحرمة مثل الأغاني التي تردد في الاحتفالات الماجنة التي يقيمها البشر .. هذا هو الإنسان .. الإنسان الذي اعتبر نفسه سيدا لهذا الكون .. بل سامحني يا أيها الرب العادل والمعبود .. ألم تتخل عنك بعض الشعوب
تحت أسماء ومصطلحات جوفاء مثل الشيوعية .. الاشتراكية ..
-11 -
الوجودية .. ثم العدمية .. ألم ينادي البعض بضرورة وقف عجلة الحياة التي خلقتها عن طريق الانتحار ! تلك النفس التي حرمت قتلها إلا بالحق .. فهل كنت أنا أيضا من قدم
لهم تلك المذاهب والأفكار والبدع المارقة .. إن عقولهم فاسدة منذ الأزل .. ألم تدع تلك المخلوقة
الأولي
كذبا
.. بأني
كنت وراء دفعها لأكل التفاحة المحرمة والتي حرمت أكلها علي كل من تلك المرأة وذلك الرجل الأول ومع ذلك قد خاناك أيها الرب المعبود .. فإذا فرضت فرضا .. وهذا غير صحيح .. أنني أغويتهما .. فلماذا لم يتمسكا بنواميسك وأوامرك
القدسية
! ثم جاءت خطيئة الأبناء
.. حين سفك قابيل دم محرم
.. دم أخيه هابيل
.. فهل كنت أنا أيضا من دفعه دفعا إلي
ذلك الفعل المحرم
! أيها الرب المعبود..
في
جعبتي
الكثير والكثير من تلك النماذج الصارخة والتي تؤكد فساد ذلك المخلوق الطيني الخلقة .. وتدينه إدانة كاملة .. وتبرئني من أفعالهم الدنسة ومن أوزارهم
وأخطائهم
غير المسؤولة وغير المبررة
..أنا لا أعرف لماذا إذن قد منح الإنسان عقلا !.. فاذا لم يستطع أن يستخدمه في الخير وفي التقرب لك كما
نفعل نحن كان أولي ثم أولي لو اختفي ذلك الإنسان من هذا الكون .. علي ألا يعاد خلقه من جديد أبدا .. حتي لا نكرر تلك المأساة البشرية
والتي
خفقت والتي
أدفع أنا وجنسي
ثمن جرائمهم
.. ولكني
أيها الخالق المعبود لا أستطيع أن أعترض علي مشيئتك القدسية.. كل ما في الأمر هو أني أشكو إليك ما أصابني من تلك المخلوقات الطينية ..تلك التي دأبت علي رجمي بالحجارة ضمن مناسك الحج
إلي
بيتك العتيق
.. ثم هؤلاء الشيوخ الذين لا
يكفون عن لعني
وسبي
من فوق المنابر
.. ثم هؤلاء القساوسة والرهبان الذين
-12 -
يطاردوني ليلا ونهارا .. إعتقادا منهم أنني أحل في أجساد البشر .. وأنني لي أرواح دنسة .. فأسبب للبشر اللعنة والرجس والجنون .. لقد سئمت تلك الحياة التي أحياها ياأيها الرب الخالق .. فأنا معلق بين السماء
والأرض
..لقد تعبت روحي
وأصبحت حزينة
..حزينة إلي
أبد الآبدين
.. لأنني
ملاك خالد لا
يموت ولا
يدركه الموت إلا وفق مشيئتك القدسية
.. كنت أتمني
أن أموت مثل البشر حتي
أستريح من هذا العذاب الأبدي
والذي
بدأ مع مرحلة خلق هذا المخلوق الطيني
.. أيها الرب المعبود أريد رحمتك التي
وسعت كل شيء
.. أريد مغفرتك التي
تمنحها لعبادك المخلصين
..فإن مغفرتك وتوبتك
لا حدود لها بل هي وسعت كل شيء.. مغفرة عرضها السموات والأرض فمتي تقبل توبتي ياأيها الخالق .. إقبل توبة ملاك ساقط .. تعذب عذابا لم يعرفه أحد في العالمين ولاشك أنك تدرك
ذلك جيدا
.. وإسمح لي
.. يامن وسعت رحمته كل شيء
.. أن أعرض عليك عرضا عادلا
..وتجربة جديدة معي
.. لكي
تعلم مابداخلي
.. وأشركك معي
في
تفكيري
.. أيها الرب العادل
.. اصفح عني
واغفر لي
خطيئتي
الملعونة وأنا أقسم أمام وجهك الكريم
.. بأنيي
لم أتكبر كما ادعي
البعض
.. ولم أعص أمرك إلا بسبب تمسكي
بشريعتك القدسية وهي
أن السجود لا
يكون إلا لك ولك وحدك
..هذا ماحدث معي
.. فأنت تعلم مافي
نفسي
بينما لا نعرف ما نفسك
..فاصفح عني
واغفر لي
خطيئتي ( صمت ) وإذا كنت قد حاولت أن أحاورك .. فإن عقلي مازال يذكر حوارك مع ابراهيم الخليل
حارس بيتك العتيق
..والذي
أكد لي
أنك تسمح بحرية طرح الأسئلة مهما كانت
.. بل أنك لا تغضب أو تصعق أو تفني
من
يطلب منك شيئا
.. فأنا أذكر أيها
-13 -
أيها المعبود الخالق .. كيف طلب منك ابراهيم أن
تريه كيف تحيي
الموتي
.. فقلت له أولم تؤمن
!.. ولكنه قال لك وبحرية كاملة وبحب شديد يغلف كلماته .. بلي .. ولكن ليطمئن
قلبي
.. فأنت
ياربي
الرحمة المهداه والعزيز القوي الذي يجيب السائلين .. أما التجربة التي أعرضها علي جلالك القدسي .. هذا إذا أذنت لي ..هي أن تقبلني مرة أخري في ملكوت السموات لا كملاك ساقط بل كملاك عائد مستغفر
تائب
..و حين أستقر بين
يديك وبجوار عرشك السماوي
.. نراقب معا هذا الجنس الطيني
الجحود..
الذي
يعربد في
هذا الكون ويفسد فيه وينشر شروره
.. وبعد كل ذلك
يلقي
بالمسئولية عليّ
في
كل أفعاله الشريرة
.. أما إذا عدت إليك في
مملكة السماء
..أكون بذلك قد أبطلت حجته وأخرست كل الألسنة الجاحدة وجعلته يواجه نفسه أمامك أيها الرب في عالم اختفي فيه هذا المخلوق الناري الذي يحمله البشر كل أوزارهم وأخطائهم
وأفعالهم الصبيانية وجرائمهم
غير المحتملة
.. إنهم
يطلقون عليّ
إسم الشيطان مرة ثم إبليس اللعين مرة أخرة ..أو المغضوب عليه .. كل تلك الأسماء التي تتعارض مع الحقيقة .. فإذا كنت لديك .. وامتنع البشر عن الجرائم
والخطايا
.. أكون أنا السبب الحقيقي
لتلك الأوزار
.. أما إذا استمر البشر في
طغيانهم وأوزارهم وجرائمهم فأكون أنا الملاك البريء والذي دفع ثمن جرائم البشرية وأوزار هذا الجنس الطيني .. إن ذلك سيكون بمثابة الحصار
الحصار الحقيقي
لكشف ولتعرية هذا الجنس الطيني
.. هذا هو عرضي وتلك هي التجربة التي ستكشف لنا جميعا عن جوهر ومضمون هذا الجنس .. أنا أقسم بجلاك وجهك وجاهك
المقدس أن كل ما أطمح اليك هو مغفرتك
-14 -
وتوبتك ..أملا في أن أبريء نفسي
أمام جاهك القدسي وأمام
هذا الكون وأمام كل تلك المخلوقات الآدمية الصالحة والتي تعبدك وتسبح لك .. آملا في أن تغفر لي خطيئتي وتقبل توبتي وأن أعود إلي مملكتك السماوية .. ملاكا مباركا وليس شيطانا
ملعونا كما عرفني
العالم
.. أن أولد من جديد
.. كي
أتطهر من كل أدران الخطيئة وهذا العصيان الذي صدر مني .. وإن كنت قد بررت مسلكي أمامك أيها الرب المعبود
فارفع عني
مقتك وسخطك
.. وارحم ملاك سقط سقوطا شنيعا من مملكة السموات .. ملاك تعرض للرجم وصب اللعنات عليه من تلك
الأرض الدنسة
.. وتعرض للصواعق والبروق من ملائكة السماء ..فاصفح عني واغفر لي وزري .. إن تلك التجربة ستكون بمثابة الفصل في قضيتي .. قضيتي العادلة والتي أثق في أنها ستنصفني وتبرئني من كل أوزار البشر ..وسأعود إليك ملاكا طاهرا
ذلك لأنك الرحمة الكاملة والنور الإلهي
الذي
ينير ويضييء أعماق اليائسين
..فإنظر إليّ
نظرة عطف
.. وخاصة بعد أن تسقط عن كاهلي
كل تلك اللعنات البشرية المتواصلة والتي تطاردني ليلا ونهارا حتي تحولت حياتي إلي جحيم لا يحتمل .. انزع عني ذلك الشر الذي حاق بي طوال تلك القرون المتتابعة والتي عانيت فيها معاناة تفوق طاقة
البشر والملائكة
.. تلك المعاناة التي
لم ترحمني يوما واحدا .. إنزع عن كاهلي كل ما يجرح روحي .. طهرني بمياهك المقدسة من تلك الخطيئة .. طهر روحي وجسدي برضاك عني وبمغفرة ورحمة من رحمتك التي وسعت كل شيء ..امح اسمي من كتب البشر .. من التوراة والإنجيل والقرآن .. امح كل اللعنات التي تصب عليّ من ثنايا تلك الكتب ..اجعلهم ينسون
-15 -
ذكري ولعني .. انسخ لهم آيات جديدة تدل علي توبتي وأنك أيها الرب الخالق قد
قبلت توبة ذلك المتمرد
.. فإذا ما قبلت توبتي
..وأنا ذلك المتمرد الخاطيء
.. المطرود من مملكة السماء
..والملعون علي
مدار العصور
.. فإن ذلك سيكون بمثابة نور إعلان للعالم .. ودليلا ماديا ملموسا علي أن السماء لن تغلق أبوابها
أبدا أمام التائبين والمستغفرين
.. دعني
أرتد مرة أخري
إلي
مملكة السموات التي
حرمت منها منذأن خلق هذا الكائن الطيني
.. إن في
قبولك توبتي
تضع هذا المخلوق أمام نفسه بل وتنزع عنه حججه الواهية والتي كانت تثقل كاهلي وتحملني مالاأستطيع تحمله .. إننا بذلك نفتح باب الأمل والمغفرة لكل الخاطئين
واليائسين في
طلب الخلاص
.. إننا بذلك نرسم للجميع طريقا جديدا للحياة .. ونمنح الإنسان حريته المسئولة والتي بناءا عليها لابد أن يتحمل تبعة أفعاله أمام ذاته وأمام العالم كله .. دون شيطان يغويه .. دون وسواس خناس يوسوس له ويحمله
نتيجة خطاياه
..إذ أن ذلك الشيطان قد رد مرة أخري
إلي
مملكة السماء
.. وأصبح العالم مجردا من الشياطين
.. إننا بذلك
نعيد للحياة وجهها الحقيقي والذي ينبغي أن تكون عليه ..إذ أن تلك التجربة التي أقرها أمامك وبين يديك.. ستقلب موازين العالم كله منذ
خلق آدم إلي
اليوم
.. وستدرك بنفسك
ياأيها الرب الخالق أن ذلك الإنسان لا سند له في هذا العالم إلا ذاته وفعله وشره وماعدا ذلك هو
وهم
..هم يهرب به الإنسان من تبعية أفعاله ..فدعنا نخلص الإنسان من
أوهامه وسراب أيامه ومن ضعفه ومن تخليه عن حمل المسؤولية التي حملتها له .. لقد عرضت تلك الأمانة
علي
السماء والأرض والجبال فأبين أن
يحملنها و أشفقن منها
-16 -
وحملها الإنسان .. إنه ظلوما جهولا .. أليست تلك كلماتك ياخالق السموات والأرض ! ذلك هو الإنسان الظالم الجاهل و معني ذلك أنك تعي جيدا حقيقتة وأعماقه الشريرة .. ذلك الإنسان الذي يريد أن يستولي علي كل شيء في هذا العالم بل وفي هذا الكون فدعه ياأيها الرب الخالق المعبود
أن
يرينا كيف سيكون قادرا علي حمل تلك الأمانة والمسئولية التي حملها .. دون أي إغواء شيطاني ودون وسواس خناس يوسوس له فياأيها الإله المعبود خالق السموات
والأرض..
الملك القدوس الذي
لا شريك له
.. استمع اليّ
.. فأنت القائل
..ادعوني
أستجب لكم
.. أنت الذي
أعلنت للعالم كله
.. إني
قريب
..أجيب دعوة الداع إذا دعان
.. فهاأنا ذا أدعوك
يارب العالمين
..أدعوك ليل نهار أن تستجيب لي
.. لا أمل لي
في
هذا العالم إلا بك
.. بك أدعوك وبك أستعين أمح عني
تلك الصفات الشيطانية الملعونة و التي
رويت عني
ولصقت بي
طوال تلك العصور..
اطفأ بنور وجهك السماوي
كل منافذ الشر التي
تغلف هذا العالم السرمدي
انزع عن جسدي
و روحي
..وسم الوحش ولعنة الشيطان الملعون وإبليس اللعين .. فياأيها الرب الخالق المعبود .. لقد أدركت تماما وخاصة
بعد تجربتي
المريرة معك أن تلك الأخطاء والخطايا لكائنات هذا الكون .. سواء كانت في السماء أو علي الأرض.. خطايا وأخطاء تأسيسية في
هذا الكون الرحب ذي
السبع سموات طباق
.. بل إنها تحقق الكثير من المعادلات الصعبة ذات
الصبغة الإلهية والتعليمية والفلسفية لإحداث التوازن في هذا الكون .. فلا يوجد عالم بلا أخطاء ..ولا توجد مخلوقات بلا خطايا.. ولا توجد خطايا وأوزاء
دون عقاب صارم ودون تكفير وصلاة وتسابيح وصراخ وندم
-17 -
أنت الوحيد في هذا الكون المنزه عن الخطايا والأخطاء .. إذ أن تلك الخطايا هي خطايا أساسية بل وجوهرية
في
هذا الكون السرمدي
.. فكل شيء لا
يأتي
من فراغ
.. وبدون مقابل
.. فإذا كنت قد أخطأت وطردت من مملكة السماء .. فقد تعلم البشر والملائكة أيضا ومن خلالي .. معني الثواب والعقاب الصارم حتي يردعوا ويدركوا نتيجة العصيان والتمرد .. وإذا لم تخطأ حواء وزوجها آدم .. تلك المخلوقات الطينية
الهيكل
.. ويطردا من جنة الخلد ويهبطا معا إلي
تلك الأرض
.. فمن الذي
كان سيعمر تلك الأرض و
يتناسل عليها
.. ويقيم لك المعابد والكنائس والجوامع
..لكي
تعبدفيها ويذكر فيها اسمك .. وإذا لم يقتل قابيل أخاه هابيل ويسفك دميه المحرم .. فكيف يتسني للبشر أن يتعلموا حرمة سفك دم الإنسان .. لقد كان علي البشر أن يعوا جيدا ويتعلموا شرائعك
وتابوهاتك
.. من خلال كتبك المقدسة التي
أرسلتها للبشر ومن خلال رسلك وأنبياءك المخلصين وأيضا من خلال تلك النماذج الحية .. إذ أن تلك الخطايا لا
تموت ولا تتقادم بل تظل حية ومتوارثة أمام البشر و من جيل إلي جيل طوال تلك العصور ..ومن ثم كان لابد من تلك
الخطايا التي
كتبت علي
البشر أن
يحملها دائما لكي
يتعلم منها البشر نتيجة أفعالهم ..ويدركوا تماما العقاب الصارم جراء تلك الخطايا .. فلا توجد خطايا بلا عقاب ..كما لا توجد جرائم بدون
شهداء
.. ثم هناك نار جهنم التي
أعدت للخطاه
.. ولكن هناك أيضا الرحمة والمغفرة والتوبة ..وها نحن جميعا ..ندعوك ياأيها الرب المعبود .. خالق كل شيء في هذا الكون ..أن تقبل توبتنا واستغفارنا ..كل من في الكون يسبح ويقدس لك بكرة وأصيلا ..كل بطريقته الخاصة.
-18-
نحن نكفر عن خطايانا
ونغرق أنفسنا في
الندم
.. ذلك الندم الذي
يشبه سياط من نار تلتهم أرواحنا وأجسادنا ..نحن نكفر عن خطايانا بالصوم والصلاة والتسبيح
لك
.. نحن نكفر عن خطايانا
.. كي
تغفر لنا خطايانا وتتوب علينا
.. فإلي
من
غيرك نلجأ
! فأنتالوحيد الذي
يغفر الخطايا ويمنح البشر والملائكة المغفرة والخلاص ..إننا نكفر عن خطايانا لكي تمنحنا رضاك وعفوك .. أيها الإله المعبود .. ها أنا أصرخ إليك وأتوسل
إليك أن تغفر لي
خطيئتي
..وتسامحني
وتسقط عني
فعلتي
الخالدة
..أن تقبل توبتي
وتسقط عن جسدي
وروحي
اسم الشيطان الذي
عذبت به طوال حياتي
وتمحوا عني
سمة الملاك الساقط
.. هذا الاسم الذي
طاردني
دائما وأبدا
.. إمنح روحي
السكينة والسلام الداخلي
والخلاص
..الخلاص الذي
أحلم به دائما وأبدا
.. فياأيها الرب المعبود
.. خالق كل شيء
..تقبل صلاتي
.. فلك وحدك أصلي
.. ولك وحدك أسجد
.. .
( يسجد علي الأرض في وضع السجود .. )
نور ساطع يغطي المسرح كله
د.
عصام عبد العزيز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق